ربما يكون المنتخب الايفواري لكرة القدم من بين المنتخبات صاحبة الحظوة والسمعة الرائعة على الساحة الأفريقية لما قدمه هذا الفريق من عروض متميزة على مدار أكثر من أربعة عقود من الزمان نجح من خلالها نجوم الكرة الإيفوارية في ترك بصمة رائعة في سجلات كرة القدم الأفريقية.
ولكن مشكلة كرة القدم الإيفوارية بشكل عام والمنتخب الإيفواري بشكل خاص تتمثل في أن الإنجازات لا ترتقي دائما إلى حجم التوقعات التي تصاحب مشاركته في البطولات ومن ثم لم يحرز المنتخب الإيفواري المعروف بلقب "الأفيال" لقب كأس الأمم الأفريقية سوى مرة واحدة على مدار 17 مشاركة سابقة له في النهائيات.
وتوج الأفيال بلقب البطولة الأفريقية عام 1992 بالسنغال بينما فاز بالمركز الثاني في بطولة 2006 بمصر بعد الهزيمة أمام أصحاب الأرض بضربات الجزاء الترجيحية في المباراة النهائية للبطولة.
أما أفضل المراكز التي احتلها الفريق في البطولات الأخرى فكانت المركز الثالث في بطولات 1965 و1968 و1986 و1994 والمركز الرابع في بطولتي 1970 و2008 بينما خرج من دور الثمانية عام 1998 .
وخرج المنتخب الإيفواري من الدور الأول ثماني مرات أعوام 1974 و1980 و1984 و1988 و1990 و1996 و2000 و2002 ولم يتأهل لباقي البطولات علما بأنه استبعد من التصفيات المؤهلة لبطولة عام 1978 .
وبذلك فإن الفريق تأهل للمربع الذهبي في ثماني من 17 بطولة شارك فيها من قبل.
ويتضح من هذا السجل أن مستوى نتائج المنتخب الايفواري في بطولات كأس الأمم الأفريقية اتسم بالتذبذب الشديد على مدار أكثر من أربعة عقود ورغم ذلك كان الفريق دائما بين المنتخبات المرشحة بقوة للفوز بلقب البطولة.
ولكن لا يختلف اثنان على أن المنتخب الإيفواري شهد في السنوات الأخيرة الجيل الذهبي الثالث له بعد جيل الستينيات وجيل أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات من القرن الماضي وأصبح هدف الفريق الحالي هو تتويج تألقه على الساحة الأفريقية وفي رحلة احترافه بالأندية الأوروبية الكبيرة إلى لقب أفريقي ثاني للأفيال.
ويضاعف من رغبة هذا الجيل في إحراز اللقب أن بعض عناصره وفي مقدمتهم المهاجم الشهير والخطير ديدييه دروجبا قد لا تتاح لهم فرصة جديدة للمشاركة في الكأس الأفريقية مع اقترابهم من سن الاعتزال.
وبمقارنة المنتخب الإيفواري بغيره من المنتخبات الأفريقية الحالية يتأكد للجميع أنه أكثرها استحواذا على النجوم بل إن عدم فوز الفريق بلقب كأس الأمم الأفريقية في نسختيها السابقتين عامي 2006 بمصر و2008 بغانا وعدم تجاوزه للدور الأول في كأس العالم 2006 بألمانيا كان صدمة كبيرة لعشاقه ومشجعيه.
وبعد أن نال الفريق قدرا كبيرا من الإشادة وجرعة فائقة من الثقة بمشاركته القوية في كأس العالم 2006 لم يعد أمام دروجبا أبرز نجوم الفريق وقائد هجومه سوى الفوز باللقب الأفريقي خلال بطولة كأس الأمم القادمة التي تستضيفها أنجولا في الفترة من العاشر إلى 31 كانون ثان/يناير الحالي لتسجيل أسماء لاعبي هذا الجيل بحروف من ذهب في سجلات الكرة الافريقية.
وعندما يخوض المنتخب الايفواري نهائيات البطولة القادمة بأنجولا ، سيكون الفريق بين أكثر المنتخبات المرشحة للفوز باللقب إن لم يكن أكثرها على الاطلاق نظرا لأن الجيل الحالي من اللاعبين يملك الإمكانيات التي تساعده على ذلك سواء من ناحية المهارة أو القدرات البدنية أو الخبرة أو التماسك حيث لعب نجومه لفترات طويلة جنبا إلى جنب.
ويضاعف من قوة الفريق الحالي أن معظم نجومه من اللاعبين المحترفين في أوروبا مثل دروجبا وسالومون كالو وكولو توريه ويايا توريه وديدييه زوكورا وبالتالي فإنهم يخوضون البطولة بعقلية المحترفين ويستطيعون تفهم فكر مديرهم الفني وحيد خليلودزيتش سريعا ليعوضوا ما فشلوا فيه بقيادة مدربيهم السابقين مثل الفرنسي هنري ميشيل والألماني أولي شتيلكه.
ونجح الجيل الحالي بالفعل في تحقيق ما فشلت فيه باقي أجيال الكرة الإيفوارية فقد وصل الفريق إلى نهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا لتكون المرة الأولى التي يخوض فيها الأفيال بطولة العالم.
ثم نجح الفريق في حجز مكانه بنهائيات كأس العالم للمرة الثانية على التوالي حيث سيكون أحد فرسان أفريقيا الستة في نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.
وإذا كان الحظ قد عاند المنتخب الإيفواري كثيرا في بطولة عام 2006 عندما أوقعه في مجموعة الموت مع منتخبات الأرجنتين وهولندا وصربيا فإن القرعة لم ترحمه كثيرا بالنسبة لبطولة عام 2010 بجنوب أفريقيا حيث أوقعته في المجموعة السابعة الصعبة للغاية مع منتخبات البرازيل وكوريا الشمالية والبرتغال.
ولكن المنتخب الإيفواري اكتسب خبرة المشاركة في بطولة كأس العالم وأصبح قادرا على خوض هذا التحدي بشكل أفضل ولذلك فإن الفريق يسعى بشكل أكبر للفوز باللقب الأفريقي في أنجولا ليكون أكبر دافع له على التألق في كأس العالم القادمة.
كما أصبح دروجبا أول لاعب إيفواري يحرز لقب أفضل لاعب أفريقي وذلك عندما فاز بالجائزة لعام 2006 نتيجة تألقه مع تشيلسي الإنجليزي وقيادته للفريق إلى الفوز بلقب الدوري الإنجليزي لموسمين متتاليين ووصوله مع المنتخب الإيفواري لنهائي كأس الأمم الأفريقية 2006 بمصر والمربع الذهبي في البطولة التالية عام 2008 بغانا ولنهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا.
واقترب الإيفواريان يوسف فوفانا ولوران بوكو حامل الرقم القياسي في عدد الأهداف التي يسجلها أي لاعب في نهائيات كأس الأمم الأفريقية من لقب أفضل لاعب أفريقي في الماضي لكنهما فشلا في حسم الصراع على اللقب لصالحهما لينفرد دروجبا بهذا الإنجاز من بين باقي نجوم الأفيال.
ولم يجد المنتخب الإيفواري أي صعوبة في الوصول لنهائيات كأس الأمم الأفريقية 2010 بأنجولا حيث تصدر مجموعته في المرحلة الأولى من التصفيات برصيد 12 نقطة وبفارق أربع نقاط أمام منتخب موزمبيق.
وحقق المنتخب الإيفواري خلال هذه المرحلة من التصفيات الفوز في ثلاث مباريات على موزمبيق 1/صفر وبوتسوانا 4/صفر ومدغشقر 3/صفر بينما تعادل في المباريات الثلاث التي خاضها خارج ملعبه وذلك أمام مدغشقر سلبيا وبوتسوانا وموزمبيق بنتيجة واحدة هي 1/1 .
وفي المرحلة النهائية من التصفيات ، ظهر المنتخب الإيفواري بشكل أفضل ففاز في خمس مباريات على مالاوي 5/صفر وغينيا 2/1 و3/صفر وبوركينا فاسو 3/2 و5/صفر وتعادل مع مالاوي 1/1 ليتصدر مجموعته برصيد 16 نقطة ويتأهل لنهائيات كأس العالم 2010 ويتأهل مع منتخبي بوركينا فاسو ومالاوي لنهائيات كأس أفريقيا.
وعلى مدار 17 مشاركة سابقة للأفيال في نهائيات البطولة الأفريقية منذ عام 1965 خاض الفريق 68 مباراة فاز في 28 منها وتعادل في 16 وخسر 24 مباراة وسجل 98 هدفا مقابل 90 هدفا دخلت مرماه.
وأوقعت قرعة نهائيات كأس أفريقيا القادمة منتخب كوت ديفوار في مجموعة صعبة للغاية حيث تضم معه منتخب غانا الذي تأهل أيضا لنهائيات كأس العالم عامي 2006 و2010 ومنتخب توجو الذي شارك في نهائيات كأس العالم 2006 بألمانيا ومنتخب بوركينا فاسو الذي التقى مع الفريق الإيفواري في التصفيات.
ويستهل المنتخب الإيفواري مسيرته في البطولة بملاقاة نظيره البوركيني يوم 11 كانون ثان/يناير الحالي ثم يخوض الاختبار الأكثر صعوبة في الدور الأول أمام نظيره الغاني يوم 15 ويختتم مسيرته في الدور الأول يوم 19 بملاقاة المنتخب التوجولي.
وينتظر أن يتصارع المنتخب الإيفواري مع نظيره الغاني على صدارة المجموعة ولكن المفاجآت تبدو واردة أيضا ولذلك فإن أفيال كوت ديفوار ستتسلح بالحذر في مباراتي توجو وبوركينا فاسو.
وإذا نجح الفريق في الوصول للمربع الذهبي فإنه سيتحلى بمزيد من الحذر بعدما نجح مرتين فقط في العبور للمباراة النهائية من بين ست مرات وصل فيها للمربع الذهبي.